ظننتُ أنني تركته في وطني القديم، مقيدًا بأبوابٍ مغلقة، بجدرانٍ تسمع أنينه. لكنني كنتُ مخطئًا...
الظل لم يكن مرتبطا بمكان.
الظل… كان يتبعني لأنني كنت المكان.
أصبح أقرب. لم يعد يكتفي بالمراقبة من بعيد.
في البداية، كان يجلس في الزاوية، حيث لا تستطيع عيني الوصول إليه، فقط إحساس بوجود ثقيل لا يمكن تفسيره.
ثم اقترب... بدأ يجلس بجانبي على السرير. وضع روحه على روحي، وكأنه يقول: "ها أنا ذا... انظر إليّ ولو لمرة واحدة، لا تتجاهل ألمي في داخلك."
لقد خدعت نفسي. قلت:
هذا هو الشوق لأبي.
هذا هو الحنين إلى طفل لم يتم احتضان بكائه أبدًا.
هذا مجرد هواء بارد.
ولكن لم يكن الأمر كذلك.
في منزلي أصبح الجو ثقيلاً.
حبس الزوايا أنفاسها.
حتى أن أطفالي بدأوا يسألونني:
لماذا أصبح المنزل مخيفًا؟ لماذا نشعر بالبرد فجأة؟
ضحكت لأطمئنهم... ولكنني كنت أرتجف.
كل من دخل بيتي قال نفس الشيء:
هناك شيء غريب هنا... لا يُرى، لكن يُمكن الشعور به.
وفي عملي، حيث كنت أعتقد أنني سأجد السلام - مكان مقدس، نظيف من كل الظلال - شعرت أنه يتبعني هناك أيضًا.
كان يتسلل بين أنفاسي، ويقف خلفي بينما كنت أستمع إلى كلمات الزبائن، أو أقوم بترتيب الأوراق.
كأنه يلعب معي لعبة الغميضة.
ظهور...اختفاء...إقتراب...إنسحاب.
ولكنه لا يغادر أبدًا.
وفي نومي... لم أعد أنام.
أغمضت عيني وبدأ العذاب.
كأنني أُختطف كل ليلة إلى عالم آخر، عالم يرفض أن يسمح لي بالراحة.
رأيته واقفا، قريبا جدا، صامتا جدا، لكن عينيه تحدثت.
شعرت أنه يصرخ في داخلي، فركضت بعيدًا عنه... حتى أصبح الركض عذابًا.
وفي لحظة الانهيار، ركعت وقلت له بصوت داخلي:
"اتركني من فضلك... دعني أعيش بسلام."
وكان كأنه يضحك.
لا وعد، لا رحمة، لا اختفاء.
يعود عندما يكبر ضعفي، عندما تمتلئ عيناي بالدموع بلا سبب...
أنا لست مجنونة.
وأنا لا أحلم.
وأنا لست ضحية للخيال الجامح.
أنا مجرد امرأة... مرت بما لا يمكن قوله.
في داخلي طفل لا يزال يرتجف عندما تصبح الغرفة مظلمة.
وفي داخلي ظل.. لا يريد أن يغادر.
ولكن الآن أنا واقف على قدمي...
وأقول له:
"ابق حيث أنت... لأنني، على الرغم منك، أعيش."
…يتبع.