في قلب الحي المالي لأوربيترا، كان المقر الرئيسي لشركة نيكسس التقنية يطن بدقة باردة ومنهجية. كان تصميم المبنى الداخلي عبارة عن هندسة عدوانية من الفولاذ المصقول والزجاج المصنفر، مصممة لنقل ثقة لا يمكن اختراقها. كيران، في الثلاثين من عمره، مبرمج أنظمة كان تدقيقه يلامس العصاب، جلس أمام صف مقوّس من شاشات العرض عالية الدقة. كان الهواء في المكتب المفتوح مبرداً صناعياً وساكناً، لا يخترقه سوى رائحة الأوزون الكهربائية الخافتة المنبعثة من مكدسات الخوادم. تدفقت حوله تيارات مشفرة وصامتة من بيانات المراقبة—شريان الحياة لجهاز سيطرة أوربيترا—يراقبها ببصره المحيط أكثر من انتباهه الواعي.
تغلغل بعمق في شبكة الشركة، تحركت أصابعه فوق لوحة المفاتيح اللمسية برشاقة سريعة واقتصادية كعازف. كان ينحرف، ببراعة لاذعة، عن مهامه التشخيصية الموكلة إليه سعياً وراء شذوذ: جزء من العمارة الخوارزمية معزول بشكل مثالي، ومحصن جداً عن بقية الشبكة التشغيلية بحيث لا يمكن أن يكون حميداً.
كل نظام له صندوق أسود، فكر، كانت الفكرة تياراً بارداً وواضحاً تحت ضوضاء عمله. لقد بنت نيكسس حياة مؤسسية حول إخفاء الصندوق الذي تخشاه حقاً. السيطرة تعتمد على حماية حدودها الرقمية والوجودية.
مؤشره، خط أبيض نحيف كالشفرة، حام فوق مدخل دليل مصنف تحت اسم CORE_SFTY. كان قد أُخفي عمداً خلف طبقات متعددة من بروتوكولات التضليل.
"ما هذا؟ قفل أمان داخلي؟" تمتم، كان صوته حفيفاً تحليلياً ومنخفضاً لم يكاد يزعج الهدوء المحيط. التسمية نفسها كانت طعماً نفسياً واضحاً.
غمر تحذير أحمر هائل وعدواني الشاشة المركزية بالكامل على الفور: تم رفض الوصول. إغلاق تنفيذي عالي المستوى. تم تسجيل محاولة غير مصرح بها. النص لم يظهر فحسب؛ لقد ومض، كان اختراقاً معادياً للقشرة الهادئة للنظام. لم يتراجع كيران. حافظ على حيادية بلا تعابير، عيناه مثبتتان على إشعار المحاولة المسجلة.
"لماذا يحجبون ملفاً كهذا؟ إنها ليست بيانات حساسة. إنها بوضوح آلية،" همس، الكلمات مشحوذة بالصمت المؤسسي الخانق. أكدت الكثافة المطلقة للاستجابة الأمنية على طبيعته الحرجة. آلية للسيطرة، أو ربما، للإنهاء.
عمل بالكامل ضمن الثواني الاثنتين التي احتاجها التحذير لإنهاء تقريره الداخلي، نفذ نص سحب مسبق الكتابة. بفعالية صامتة ومتمرسة، وجّه حمولة الملف المشفر—مجرد 1.2 \text{ غيغابايت} من بروتوكول مضغوط—إلى لوح بيانات محمول أنيق وداكن مخبأ تحت كومة من المطبوعات.
بمجرد أن تلاشى التحذير وعادت الشاشات إلى بيئة التشخيص الباردة الزرقاء وغير المؤذية، شعر كيران بإحساس لا تخطئه العين بأنه مراقب. رفع نظره، تحرك رأسه جزءاً يسيراً. رئيسة قسمه، لينا ريكس، كانت واقفة على بعد عشرين قدماً بالقرب من موزع المياه، تراقبه بحدة هادئة ومقلقة، وعينان لا تطرفان. لم ينقل تعبيرها شيئاً، لكن المدة المطلقة لنظرتها كانت توبيخاً بحد ذاتها، اتهاماً صامتاً. عاد كيران على الفور إلى شاشة التشخيص الروتينية، يتحقق من مجاميع التحقق لتدفق بيانات مستقر. كان الملف الحرج الجديد وزناً خفياً وثقيلاً في راحة يده اليسرى، التي كانت تستريح الآن عرضاً على حجره. كان يمكنه أن يشعر بالحرارة الطفيفة لعملية النقل تشع عبر الغلاف البوليمري الأملس.
