Ficool

Chapter 1 - الفصل (1)

كانت الشمس في كبد السماء، حارقة، ترسل أشعتها القاسية على الأزقة الضيقة. الهواء ثقيل، ورائحة الغبار تمتزج بعرق المارة. في ذلك الزقاق المظلم نسبيًا، وقف طفل في السابعة من عمره، يحبس دموعه بصعوبة بينما العرق يتصبب من جبينه.

بجواره ثلاثة رجال. انحنى أحدهم وقال بصرامة :

ـ "إياك أن تبكي، وإلا ضربتك."

ارتجف الطفل، وأطبق صمته.

تمتم الرجل وهو يلتفت إلى رفيقيه:

ـ "حراس الدوق يبحثون عن ابنه في كل الطرق… علينا أن نتنقل عبر الأزقة."

اهتز قلب الطفل، وفكّر بلهفة: "أبي يبحث عني، علي ان أتجه لأقرب طريق و الخروج من هذه الأزقة "

بينما الرجال منشغلون بالحديث والجدال، تراجع الطفل خطوة، ثم فجأة اندفع راكضًا بكل قوته. ارتفعت خطواته الخفيفة على الحجارة القديمة، والتفت الرجال بغضب. صاح قائدهم:

ـ "أمسكوه!"

انطلقوا خلفه. تسلل الطفل بين الأزقة المتشابكة، قلبه يخفق كطبول حرب، يركض بأقصى سرعة حتى كادت أنفاسه تنقطع. التفت خلفه… لم يرَ أحدًا. تنفّس بارتياح لحظة، لكن فجأة اصطدم بجسم صلب، فسقط أرضًا. و في نفس اللحظة ارتطم عدة صحون بالأرض، وتكسرت بصوت عالٍ شقّ السكون.

رفع الطفل رأسه مرتجفًا، فرأى شابة سمراء البشرة، ذات عينين بنيتين واسعتين، ترتدي قميص أبيض و تنورة صفراء و مئزرًا أبيضا بسيطًا. كانت تحدق بالصحون المكسورة بانزعاج، ثم رفعت نظرها إليه.

ارتبك الطفل وهمَّ بالهرب، لكنها أمسكت بمعصمه بحزم، وقالت بحدة مصطنعة:

ـ "تكسر صحوني ثم تهرب؟"

اتسعت عيناه، وارتجف صوته:

ـ "أ… أنا آسف… لم أقصد."

فكّرت الشابة نادمة على كلماتها : "يا ويلي، لقد أخفته بالفعل." ثم ابتسمت برفق وقالت:

ـ "كنت أمزح فقط، لا داعي للقلق."

تأملت ملابسه الفاخرة، ورفعت حاجبها:

ـ "تبدو ابن أحد النبلاء، أليس كذلك؟"

أومأ الطفل .

سألت متفحصة رافعة حاجبا :

ـ "لكن… لماذا تركض بهذه السرعة وتنظر خلفك؟"

همس بصوت مرتجف:

ـ "ثلاثة رجال اختطفوني، يريدون إخراجي من الإمبراطورية… إنهم يلاحقونني الآن."

تجمدت الشابة مكانها، وحدقت فيه مصدومة:

ـ "ماذا؟! هل أنت جاد؟"

أومأ برأسه بسرعة.

وفي تلك اللحظة، دوى صوت خطوات قادمة. خرج الرجال الثلاثة من طرف الزقاق، عيونهم تجول في المكان بحثًا. وحين وقع نظرهم على الشابة والطفل، اعتدل القائد وقال بلباقة زائفة:

ـ "شكرًا لك يا آنسة على إيجاد السيد الصغير، نحن حراسه. هل يمكن أن تسلميه لنا؟"

ضيقت الشابة عينيها، ثم التفتت إلى الطفل و قالت بجدية:

ـ "تراجع للخلف."

تراجع الطفل للخلف ، بينما رفعت الشابة قبضتيها، وابتسامة متحدية ترتسم على وجهها:

ـ "إن أردتم أخذه… فعليكم أن تتجاوزوني أولًا "

0

More Chapters