لقد كانت مايا تعتقد دائمًا أن العالم ألطف مما هو عليه في الواقع.
بالنسبة لها، كانت الثقة مثل الهواء - شيء طبيعي، شيء لم تشكك فيه أبدًا.
كانت تؤمن بأن إذا أعطيت الناس قلبك، فإنهم سوف يعتزون به كما لو كان ملكهم.
كان هذا الاعتقاد هو الوهم الأول الذي حطمته الحياة.
من الخارج، بدت مايا كأي فتاة عادية - طالبة جامعية تدون أحلامها بدقة في دفترها، وابتسامة تُدفئ حتى أبرد الصباحات. لكن في أعماقها، كانت تحمل شيئًا نادرًا: قلبًا يؤمن بسرعة، ويسامح بسهولة، ويحب بلا حدود.
لقد كان هذا القلب هو الذي جعلها ضعيفة.
سارة، صديقة طفولتها المقربة، كانت تعرف كل شيء عنها - أسرارها، مخاوفها، آمالها. نشأا جنبًا إلى جنب، يتهامسان بالوعود تحت النجوم، ويكتبان لبعضهما البعض رسائل أقسما على الوفاء بها إلى الأبد.
اعتقدت مايا أنه لا يوجد شيء في العالم يمكنه أن يكسر هذه الرابطة.
حتى بدأت الهمسات.
في البداية، لم تكن سوى نظرة عابرة من زملائها، ثم ضحكة خفيفة عند دخولها الفصل. في ظهيرة أحد الأيام، سمعت مايا أسرارها تتسرب من شفاه شخص آخر - تفاصيل لم تشاركها قط إلا مع سارة.
وكانت الخيانة مثل الجليد الذي يتسرب إلى عروقها.
في تلك الليلة، واجهت سارة، وكان صوتها يرتجف.
لماذا؟ لقد وثقت بك في كل شيء.
هزت سارة كتفيها، وعيناها تتجنبان نظراتها. "لم يكن الأمر مهمًا يا مايا، الناس يتحدثون."
ليس أمرا كبيرا.
لقد تحولت ثقتها بأكملها إلى ثرثرة، وتحول قلبها إلى سلاح للترفيه.
سارت مايا إلى منزلها تحت المطر، خطواتها ثقيلة، وصدرها يؤلمها ألمٌ لا تستطيع وصفه. تلاشى بريق أضواء المدينة في دموعها، وللحظة تمنت لو أنها تستطيع الاختفاء في العاصفة.
ولكن عندما وصلت إلى غرفة نومها الصغيرة، وهي مبللة وترتجف، تحرك شيء ما في داخلها.
فتحت مذكراتها وكتبت بأحرف عريضة وفوضوية:
"ليس كل صديق هو صديق حقيقي.
بعض الابتسامات تخفي خناجر.
"بعض الوعود يجب أن تُكسر."
تسرب الحبر إلى الورقة كما ينزف قلبها داخل صدرها.
في تلك الليلة، أغمضت عينيها وغطت في نوم مضطرب.
وفي أحلامها، رأت نفسها واقفةً في مرآة، إلا أن انعكاسها كان متشققًا، محطمًا كالزجاج. من كل كسر، تردد صدى همسة:
"الثقة يجب أن تُكتسب، وليس أن تُمنح طوعاً."
عندما استيقظت، كانت وسادتها مبللة بالدموع، لكن قلبها كان مختلفًا.
أضعف، ربما.
ولكن أيضا أكثر حكمة.
لم تكن مايا تعلم ذلك بعد، ولكن هذا كان مجرد الدرس الأول من بين العديد من الدروس التي ستنقشها الحياة في روحها.
ورغم أن قلبها كان مكسورًا
أعتقد أن الشقوق سوف تسمح للضوء بالدخول يومًا ما.