Ficool

Chapter 1 - الجزء الاول من الحكايه

كانت ميرت واقفة في المطبخ بتحضّر الأكل، وأختها سارة قاعدة قدام التلفزيون بتقلّب على القنوات. فجأة رنّ موبايلهم، وكان أبوهم بيتصل من برّه البلد. صوته كان متقطع وهو بيقول لهم إن أمهم ماتت في قصف مفاجئ، وحذرهم إن لازم يستخبّوا بسرعة، لأن الضرب والعساكر نازلين على القرية اللي هما فيها.وبعدها الخط اتقطع.

ميرت ما لحقتش تستوعب الكلام، وفجأة باب البيت اتفتح بعنف. دخل عسكري شايل سلاحه ووشّه قاسي. بصّ لها وقال:"في حد غيرك في البيت "في حد غيرك في البيت؟"

ميرت عينيها كانت مليانة خوف، قلبها بيدق بسرعة، لكن ردّت بسرعة وهي بتحاول تحمي أختها:"لأ… مفيش غيري."

العسكري ما صدقش بسهولة. فجأة زقّها على الحيطة بقوة وقرّب منها بشكل مهدد. ميرت حاولت تبعد، لكن إيده كانت تقيلة، وصوت أنفاسها اتلخبط.

سارة، اللي كانت مستخبية، قلبها ولع. شافت الموقف وما استحملتش. مدت إيدها بسرعة وسحبت العصاية الخشب اللي أمها كانت سايبها جنب الباب. اندفعت بكل قوتها ونزلت بيها على دماغ العسكري. وقع على الأرض يتألم وهو مش قادر يقوم.

ميرت جريت بسرعة، وساعدت أختها يربطوه في كرسي السفرة. بعد ما اتأكدوا إنه مش هيفوق دلوقتي، جمعوا هدومهم وحاجاتهم بسرعة.

وهما بيجهزوا يهربوا، صوت القصف دوّى حواليهم. البيت اتزعزع ووقع جزء كبير منه، لكن ربنا ستر. خرجوا بجروح

فضلوا يجروا لحد ما وصلوا نقطة تجمع. هناك لقوا الحكومة بتاعت بلدهم بتلم الناس وبتنقلهم بسرعة على الملاجئ. اتسحبوا وسط الزحمة، ودخلوهم جوّه الملاجئ الواسعة. هناك لقوا دكاترة بيعالجوا الجروح، وناس بتوزع أكل ومية.

ميرت وسارة كانوا مرعوبين، بس المفاجأة إنهم لقوا أبوهم. الحكومة كانت جابته بالعافية من البلد، عشان يلمّوا الناس اللي اتفرقوا. حضنهم بسرعة، والدموع نازلة من عينيه، وهو بيقول:"الحمد لله إنكم عايشين…"

عدّى تلات أيام من الحرب، والحكومة اكتشفت إن عدد الشباب اللي بيحاربوا مش مكفي. القرار كان صادم: بدأوا يلمّوا البنات كمان. أبوهم حاول يمنعهم، بس عشان معدّي الخمسين، ماخدوهش.

في اللحظة دي، اتسحبِت سارة وميرت قدام عينيه، واتسجلوا في الكشوفات كجنود 

بعد يومين، استلمت ميرت وسارة لبس التجنيد، ولمّوا حاجتهم، واتنقلوا على المعسكر. أول ما دخلوا، لقوا العنبر مليان بنات بس. هناك اتعرفوا على بنت اسمها ليلى وصاحبتها علياء ومعاهم مرنا وهيدي وهنيا. كانوا واقفين بيتكلموا وبيضحكوا، مش لابسين الزي العسكري، لابسين لبس ضيق وملون، وحاطين ميكب، وشغالين يسرّحوا شعرهم وكأنهم في خروجة، مش في جيش.

فجأة، قفزت عليهم بنت بابتسامة كبيرة وقالت:

"هاي، أنا مريم… لسه جديدة زيكم بالظبط. ممكن أقعد جمبكم؟ السرير التالت فاضي."

ميرت وسارة بصوا لبعض ووافقوا، وقعدوا معاها.

ما لحقوش يرتاحوا، إلا والباب اتفتح. ظهر الضابط وليد، ومعاه مساعده أمجد. أول ما البنات شافوهم، ساد الصمت في العنبر كله. أمجد بص لوليد وقال له بهمس:

"حضرتك متأكد إنك هتمسك فرقة البنات؟ دول وضعهم مختلف… فيهم محجبات، وفيهم اللي عايشة على راحتها."

وليد كان معروف بقسوته وانضباطه، رد بثقة:

"أيوه. أي حاجة هتمشي على النظام… ولازم كل حاجة تبقى على الشعره."

أمجد حسّ إن الصوت جوه عالي قبل ما يدخلوا، فمد إيده يمنع وليد وقال:

"استنى يا فندم… خليني أنا الأول."

راح أمجد خبط جامد على الباب، وصوته جهوري:

أول ما الضابط وليد دخل، الجو قلب صمت مرعب.لكن ليلى كالعادة لسانها سبق عقلها، نطّت على مرنا وقالت بصوت مسموع:"يا لهوي… مين الضبوطه القمر أوي ده؟!"

وليد سمع الكلمة، لف بحدة… وبصّ لها بنظرة نار وقال:"الضبوطه دي يا عسكري… هي اللي هتزبطك وتخليكِ تعرفي إن الجيش مش لعب عيال."

البنات اتحرجوا، الضحكة اللي كانت مالية العنبر اختفت، والدنيا بقت تقيلة.أمجد دخل بسرعة وقال بنبرة عالية:"كله يلم نفسه! الشعر يتربط… الميكب يتشال… وعايز أشوف وشوشكم زي العساكر مش زي حفلة."

في اللحظة دي وليد وهو بيتكلم، عينه وقعت بالغصب على ميرت.نظراته وقفت عندها، ارتبك ثواني من غير ما يبان، وحس كأنه نسى الكلام اللي على لسانه.ميرت بدورها بصّت في الأرض، خدودها احمرّت من شدة الإحراج، وكأنها اتكشفت فجأة.

أمجد كان بيلم البنات بعينيه… ولما عدى على سارة، قلبه اتلخبط. شعرها وقع على جنب، وعينيها لمعت وهي بتحاول تخفي ضحكة صغيرة. هو كمان اتسمر للحظة، واتسحب منها بسرعة كأنه متفاجئ بنفسه.

العنبر كله كان فيه توتر غريب… مزيج بين خوف البنات من القسوة، والشرارة اللي ولعت من أول

البنات كانوا واقفين في الطابور، دموعهم نازلة وهما بيشوفوا حاجتهم بتتحرق قدام عنيهم.أمجد لسه بيبص لوليد وقال له:"مش من أول يوم الشدة دي كلها يا وليد."

وليد لف عليه بعينيه الجامدين وردّ:"هتكملوا غصب عنكم. مفيش رجوع… اللي دخل هنا لازم يطلع جندي، مهما حصل."

سكت لحظة وبص للبنات واحدة واحدة وقال بصوت هزّ الساحة:"اللي مش قدّ الجيش… الجيش هيكسره. واللي هيستحمل… هو اللي هيعيش."

الرهبة سيطرت على المكان، مفيش صوت غير ولع النار وقلوب البنات اللي بتخبط من الخوف

More Chapters