Ficool

Bron on the margin of Rejection

Hind_Ben
7
chs / week
The average realized release rate over the past 30 days is 7 chs / week.
--
NOT RATINGS
90
Views
Synopsis
The narrator recounts her painful childhood, marked by rejection from her mother and love from her father. Born as the fourth daughter when her mother had been longing for a son, she was unwelcome from the start. Her mother refused to nurse or embrace her, favoring her lighter-skinned sisters while mocking the narrator’s darker complexion, which resembled her father. Throughout her childhood, she endured neglect, harsh comparisons, and bullying—both inside and outside the home—without protection from her mother, who often joined in the ridicule. Despite carrying heavy responsibilities and striving to win her mother’s approval, she received only coldness and punishment. Her father’s affection was her only source of warmth, while her mother’s rejection shaped her identity, planting in her a lasting sense of alienation, guilt, and fear.
VIEW MORE

Chapter 1 - "Born on the Margin of Rejection"

لقد ولدت على هامش الانتظار

لقد ولدت في لحظة لم يكن أحد ينتظرني فيها

كانت أمي تنتظر ولادة صبي يحمل اسم العائلة ويدخل السرور على قلبها، لكنني أنا من جاء، الرابع بعد ثلاث أخوات. لم يكن قدري أن أُرحّب به، بل أن أكون خيبة أمل منذ البداية. يخبرني والدي أن الأطباء أبلغوها أن المولود فتاة، لكنها رفضت تصديق ذلك، وكأنها تتمنى أن تتغير الحقيقة في اللحظة الأخيرة. لكن الحقيقة هي أنا، طفلة سمراء نحيفة، جئت لأُعلن وجودي في عالم غير مستعد لاستقبالها.

منذ اللحظة الأولى، رفضتني أمي. لم تُرِد أن تُرضعني، ولم تُعانقني كما تفعل الأمهات مع مواليدهن، ولم تُسارع في اختيار اسم لي كما فعلت مع أخواتي. بقيتُ أيامًا بلا اسم، بلا ثوب، بلا عناق. كأنني حمل ثقيل أُلقي بين يديها سهوًا، تنتظر من يأخذه.

كان أبي وحده شرارة النور في ذلك الظلام. هو من مدّ لي يدي، ومنحني قبلتي الأولى، ومن أصرّ على أن يكون لي مكان بين إخوتي. نظر إليّ بعينين ملؤهما الرحمة والكبرياء، ولمس وجهي الصغير بحنان، وهمس بكلمات لم أفهمها حينها، لكنها كانت الدفء الذي أنقذني من برد الرفض. عرفتُ غريزيًا أنه يحبني، وأن حضنه هو الوطن الوحيد الذي أستطيع الانتماء إليه.

أما أمي، فقد رأت فيّ صورةً أخرى: شبهي بأبي، لون بشرتي الداكن، ملامحي التي تختلف عن بياضها وعينيها الفاتحتين. كلما نظرت إليّ، رأت رجلاً لا فتاة. كأنني لست ابنتها، بل نسخة أخرى من أبي لم ترغب في أن تراها فيّ. في الوقت نفسه، كانت تُثني على أخواتي لجمالهن الذي يُشبه جمالها، وتُغدق عليهن بكلمات رقيقة، وتُظهرهن أمام الناس كأنهن انعكاسها في المرآة. أما أنا، فقد كنتُ الاستثناء، الشاذ، الابنة الغريبة التي لا تُشبه إلا أبي.

نشأتُ وأنا أرى هذا التمييز جليًا كوضوح الشمس. كانت أخواتي تُزيّن بكلمات الإعجاب، بينما كنتُ أُرمى بسهام السخرية. كانت أمي تسخر من بشرتي الداكنة أمام الغرباء، قائلةً بنبرة خالية من الرحمة إنني لستُ بجمال أخواتي، أو إنني خُلقتُ فقط لحمايتهن من العين والحسد. كانت كلماتها تتساقط عليّ كالصواعق، فتغرس فيّ شعورًا بأنني لستُ سوى درعٍ لا قيمة له إلا امتصاص الضربات نيابةً عن الآخرين.

كنتُ طفلة؛ كل ما أردتُه هو أن أشعر بالانتماء، وأن أجد لنفسي مكانًا بينهم. لكن كلما اقتربتُ، وجدتُ جدارًا من الإهمال أو السخرية. وحدها أختي الكبرى، ربما لأنها كانت أكثر وعيًا من البقية، كانت تدرك ما كنتُ أمرّ به. كانت تلاحظ دموعي التي كنتُ أحاول إخفاءها، وكانت تُحاول مواساتي بصمتها أو بكلمة صغيرة. لكن رغم حبها، لم تستطع ملء الفراغ الهائل الذي تركته أمي في داخلي.

كم مرة نظرتُ إلى نفسي في المرآة، متأملةً ملامحي الداكنة التي ورثتها عن أبي، وتساءلتُ: لماذا أنا؟ لماذا لم أولد بيضاء كإخوتي؟ لماذا لم تحتضني أمي كما احتضنت أخواتي؟ أحيانًا كنتُ أشك في أنني متبنّاة، وأنني لستُ ابنة هذه العائلة حقًا، فالغربة التي شعرتُ بها بينهم لا تحتمل أي تفسير آخر.

كنت أبحث عن الحب في كلماتها، في عينيها، في أي تصرف صغير، لكنني كنت أعود خائب الأمل في كل مرة. حتى عندما كان أحد إخوتي يمرض، كانت تُسارع إلى رعايته وتُظهر قلقها، أما عندما كنت أمرض، فكان الأمر يمرّ مرور الكرام، كأنني مجرد ظلّ يتحرك بينهم.

مضت سنوات طفولتي الأولى على هذا النحو: حب أبوي تشبثتُ به بكل قوتي، ورفض أمومي طاردني كظلٍّ لا يغيب. كنت أستيقظ كل صباح آملةً أن يتغير شيء ما، وأن تنظر إليّ يومًا ما بنظرة مختلفة، وأن تقول لي كلمةً واحدةً تُشعرني بأنني ابنتها حقًا. لكن هذا لم يحدث. ما حدث هو أن أخي وُلد بعدي بعام، وازداد غربتي. أصبح الصبي الذي كانت تنتظره، الصبي الذي ملأ الفراغ الذي لم أستطع ملؤه. مع قدومه، أصبحت حياتي أقل أهمية.

رأيتها تُغدق عليه بالحب والرعاية، كيف كانت تبتسم له، كيف كانت تُناديه بأحلى الأسماء، كيف نسيت أنني بجانبها. لم يُتح لي عمري أن أفهم كل شيء، لكن قلبي الصغير كان يعلم جيدًا أن الحب الذي حُرم منه قد مُنح له بسخاء.

نشأتُ على هذا الشعور: أنني ابنةٌ غير مرغوبٍ فيها، وأنني لم أعش إلا بفضل أبي، الذي كان الجدار الوحيد بيني وبين الانهيار التام. بحثتُ عن دفء أمي فلم أجده، عن كلمة قبولٍ واحدة فلم أسمعها، عن نظرة فخرٍ واحدة كما فعلت مع أخواتي فلم تأتِ.

ومع ذلك، حاولتُ. ابتسمتُ لها رغم الألم، وحاولتُ البقاء قريبًا رغم البعد، وبحثتُ عن أي فرصة لكسب قلبها. لكن كل محاولاتي اصطدمت ببرودها أو سخريتها. كنتُ أعود إلى فراشي ليلًا، أدفن وجهي في الوسادة، وأسأل نفسي: ماذا فعلتُ لأستحق هذا؟ لماذا حُكم عليّ منذ ولادتي أن أكون غريبًا حتى عن أمي؟

لم يكن هذا الشعور بالرفض المبكر حدثًا عابرًا في حياتي، بل أصبح البذرة الأولى للظل الذي رافقني طوال حياتي. كان الرفض أول لغة تعلمتها، وكان الصمت أول صديق احتفظت به بجانبي. ومع نموي، كبر ذلك الغربة، فتحول من شعور عابر إلى هوية تلاحقني أينما ذهبت. تعرضت للتنمر منذ صغري، ليس فقط من إخوتي أو كلمات أمي، بل حتى من الجيران وأصدقائها. كانوا يسخرون من لوني، شكلي، كل تفصيل فيّ، كما لو أنني وُلدتُ فقط لأكون مادة للضحك. كنت أنظر إلى أمي بعينين دامعتين، أتوسل إليها أن تدافع عني، أن تقول كلمة واحدة لتكف عن تلك السخرية، لكنها كانت تفعل العكس. أحيانًا كانت تضحك معهم، تمزح على حسابي، كما لو أنني لست ابنتها بل غريبة تُستخدم قصتها للتسلية.

كم مرّة انكسر قلبي في تلك اللحظات. ظننتُ الأم حصنًا يحمينا من قسوة الدنيا، لكن حصني كان أول من يُسلمني إلى العاصفة. كنت أعود إلى البيت حاملةً في صدري جرحًا لا يندمل، أقول لنفسي: "لو دافعت عني ولو لمرة، لو طلبت منهم التوقف، لشعرتُ حقًا أنني ابنتها". لكنها لم تفعل، بل زادت من قسوتي ببرودها وصمتها.

ورغم كل ذلك، كان همي الوحيد إرضاؤها. تحملتُ فوق طاقتي، وتجاهلتُ ألمي، وحاولتُ أن أبتسم لها. لم يكن يهمّني إن ضحك عليّ الآخرون أو سخروا مني أو آذوني، المهمّ أن أراها فخورةً بي يومًا ما، أن أرى عينيها تلمعان عندما تنظر إليّ كما فعلت مع أخواتي. قدّمتُ تضحياتٍ صغيرةً وكبيرةً، وتحمّلتُ الأذى، وتنازلتُ عن حقوقي، فقط لأكسب ابتسامةً منها، لكنني لم أنجح قط.

لم تر سوى نقاط ضعفي، مُتجاهلةً نقاط قوتي. لم يكن لأي إنجاز حققته في المدرسة أو في حياتي أي قيمة في نظرها؛ كانت تتمنى لو كان من نصيب إحدى أخواتي. كانت تقولها في وجهي بلا رحمة: "ليتكِ مثل فلانة، ليت هذا النجاح من نصيبها لا من نصيبكِ". كأنني لا أستحق الفخر، وكأن ما حققته يتلاشى لحظة خروجه مني.

حطمتني تلك المقارنات المستمرة. لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل كانت سهامًا تغرس في داخلي شعورًا بالنقص مهما فعلت. تعلّمتُ أنني في نظرها فاشل، حتى لو اجتهدتُ ونجحتُ. لم يكن يكفي أن أكون أنا، بل كان عليّ أن أكون نسخةً من أخواتي أو أي شخص آخر لإرضائها. وهكذا عشتُ بين نارين: نار التنمر من الخارج، ونار المقارنة من الداخل.

لم يكن التنمر الشيء الوحيد الذي يُؤرقني، فحتى في المنزل عشتُ حربًا لا تنتهي. كلما ارتكبتُ أصغر الأخطاء، كانت أمي تضربني بلا رحمة. لم يكن هناك مجال للفهم، ولا كلمة توبيخ رقيقة، ولا فرصة للتعلم. كان العقاب دائمًا قاسيًا، كما لو أنني ارتكبتُ جريمةً كبرى، مع أنني كنتُ طفلًا صغيرًا لا يعرف شيئًا عن الحياة.

كنتُ أصغر أخواتي، ومع ذلك كنتُ أتحمل معظم المسؤوليات. كنتُ أساعدها في أعمال المنزل كما لو أنني كبرتُ قبل أوانِي. كنتُ أحمل حقيبةً أكبر من جسدي وثقلًا يفوق قدرتي على بيعها، وأغسل الملابس الثقيلة وأغطية السرير بيديّ الصغيرتين اللتين بالكاد تنظفان، وأنشر الغسيل تحت أشعة الشمس الحارقة، وأرتب كل شيء دون أن أسمع كلمة شكر واحدة. ظننتُ أنها ستفخر بي وبجهدي، لكن بدلًا من ذلك، كان العقاب ينتظرني إن قصرتُ أو تعبت.

ما آلمني أكثر أنها لم تدافع عني أمام أحد، بل على العكس، إذا اشتكى مني أحد، كانت تضربني بلا رحمة أمامه، وكأنها تُثبت أنني دائمًا مذنب. لم تُصغِ إليّ قط، أو تُفكّر في أن ما حدث ربما لم يكن خطأي. كانت تُصدّق أي كلمة تُقال ضدي، ثم تُنزل بي العقاب.

حتى عندما حاولتُ الدفاع عن نفسي ضد أطفال في مثل سني، لم يكن لي أي حق. إن تغلبتُ عليهم وشكوا إليها، ضربتني بدعوى "قسوتي". وإن تغلبوا عليّ وعدتُ جريحًا، ضربتني أيضًا كما لو كان ضعفي عارًا لا يُغتفر. وهكذا تاهتُ في دوامة لم أعرف فيها متى يُسمح لي بالدفاع عن نفسي ومتى لا يُسمح لي. كنتُ أتخبط في كل مواجهة، أخشى الصراخ أو الكلام، وأخشى في الوقت نفسه أن أكون ضعيفًا.

تعلمتُ أنني مذنبٌ في كل الأحوال: مذنبٌ إن رفعتُ صوتي، مذنبٌ إن التزمتُ الصمت، مذنبٌ إن حاولتُ ولم أنجح، مذنبٌ إن تعبتُ ولم أستطع الاستمرار. لم يكن هناك ميزانٌ عادلٌ لأُزن أفعالي؛ كانت كفة الميزان تميل ضدي دائمًا، حتى فقدتُ ثقتي بنفسي، وعشت في خوفٍ دائمٍ من الأخطاء، ومن الناس، ومن أمي نفسها.